أخي الشاب ! إذا ندمت على ما فات ، وتركت المخالفات والذنوب في المستقبل ، توجب عليك بعد ذلك الاهتمام بعمرك ، وإصلاح وقتك الحاضر الذي بين ما مضي وما يستقبل ، فإنك إن أضعته أضعت سعادتك ونجاتك ، وإن حفظته بما ذكر نجوت وفزت بالراحة واللذة والنعيم
قال الإمام ابن الجوزي : رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً ؛ إن طال الليل فبحديث لا ينفع ، أو بقراءة كتاب فيه سمر . وإن طال النهار فبالنوم ، وهم في أطراف النهار على نهر دجلة أو في الأسواق !! فشبهتهم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم ، وما عندهم خبر ، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود ، فهم في تعبئة الزاد والتأهب للرحيل ..
فالله الله في مواسم العمل ، والبدار البدار قبل الفوات
وقال أيضاً : ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه وقدر وقته ، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة ، ويقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل ، ولتكن نيته في الخير قائمة من غير فتور بما لا يعجز عنه البدن من العمل ، وقد كان جماعة السلف يبادرون اللحظات ، فنقل عن عامر بن عبد قيس أن رجلاً قال له : كلمني ، فقال له : أمسك الشمس !!
ودخلوا على بعض السلف عند موته وهو يصلي فعاتبوه على ذلك فقال : الآن تطوى صفحتي !!
فإذا علم الإنسان ـ وإن بالغ في الجد ـ أن الموت يقطعه عن العمل ، عمل في حياته ما يدوم له أجره بعد موته