هذه أفراح الروح عند انتصارها؛ وفك أسرها من شهوات الجسد، ولذلك قال ابن القيم رحمه الله: «فالروح المطلقة من أسر الهوى، من أسر البدن وعلائقه وعوائقه من التصرف والقوة والنفاذ والهمة وسرعة الصعود إلى الله والتعلق بالله ما ليس للروح المهينة المحبوسة في علائق البدن وعوائقه» انتهى كلامه رحمه الله.
أطلق الأرواح من أصفادها *** في بهيج من رياض الأتقياء
غاديات رائحات كالسنا *** سابحات بين آفاق الضياء
إنها يا شهر ظمأى فاسقها *** مشتهاها من ينابيع الصفاء
شهوة الأجساد قد ألقت بها *** في قفار ليس فيها من رواء
ما غذاء الجسم في ألوانه *** فيه للأرواح شيء من حباء
إنما الأرواح تحيا بالذي *** في صيام الجسم تزجيه السماء
يا ربيع الروح اقبل وأعطها *** صولجان الحكم في دنيا الشقـاء
كي يعيش الناس من آلائها *** في رفاء وازدهار وارتقاء
هل درى أهل الحجا أن الذي *** شيطن الإنسان في الأرض اشتهاء
زورق الشيطان في وجدانه *** طعمه فيها من الإفراط داء
ما ارتقت إلا بزهر أنفس *** في طعامي عنه عاشت في غناء
واطمأنت في حياة الروح لا *** تبتغي إلا لقيمات وماء
إنما سلطانها من دونه *** كل سلطان به الإنسان باء
حسبه أن اخضع النفس التي *** تسترق الناس حتى الأقوياء
أي سلطان يكف النفس عن *** موبقات غير قيد كالوجاء
إنه الصوم الذي أوصى به *** رحمة بالناس رب الحكماء
فيه ترويض لطبع جامح *** فيه روض فيه للمرض شفـاء
فيه للإحساس إرهاف فلا *** يأخذ الدنيا بعين الأغبياء