بسم الله الرحمن الرحيم
[rtl] الحمد لله ، ثم الحمد لله ، الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ، وما توفيقي ولا اعتصامي ولا توكّلي إلا على الله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أنَّ سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلَّم ، رسول الله سيِّد الخلق والبشر ، ما اتصلت عينٌ بنظرٍ أو سمعت أذنٌ بخبر ، اللهمَّ صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريَّته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علما ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة المؤمنون ... عودةٌ إلى الموضوع المُتَسَلْسِل ، بدأنا قبل عدة أسابيع في موضوعٍ خطيرٍ ، ودقيقٍ ، ومهم ، إنه : " البيت المسلم " ، فالإنسان إذا سعد في بيته سعد في عمله ، إذا اطمأن في بيته أنتج في عمله ، والبيتُ قِوام المجتمع ، إنه اللبنة الأولى ، فإذا صلح البيت صلح المجتمع .[/rtl]
[rtl] يا أيها الإخوة الأكارم ... مسؤولية الآباء تجاه أسرهم ، وتجاه أهليهم مسؤولية ثابتة في نَصِّ القرآن الكريم ، لقوله تعالى :[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة التحريم : من آية " 6 " )[/rtl]
[rtl] ومسؤولية الآباء تجاه الأهل والأبناء مسؤوليةٌ كبيرةٌ ، ومتعددةٌ ومتنوّعة ، في رأسها ، وفي قمتها ، ومن أبرزها مسؤولية التربية الإيمانية ، لابدَّ من أن تربّي بيتك بما فيه من أهلك ، وأولادك ، وبناتك تربيةً وفق ما جاء به المنهج الإسلامي ، ووفق ما جاءت به السُّنة النبوية.[/rtl]
[rtl] يا أيها الإخوة المؤمنون ... ينبغي أن تعلّم ابنك منذ بدأ يعقل أصول الإيمان ، ويجب أن تعلمه منذ بدأ يفهم أركان الإسلام ، ويجب أن تعلمه حين بدأ يميِّز مبادئ الشريعة الغرَّاء ، فأصول الإيمان ؛ الإيمان بالله عزَّ وجل ، الإيمان بالله خالقاً ، ومربياً ، ومسيراً ، الإيمان بأسمائه الحسنى، وصفاته الفُضلى ، الإيمان باليوم الآخر ، الإيمان بالرُسل ، الإيمان بالكُتُب ، الإيمان بالملائِكة ، الإيمان بالقدر خيره وشره ، هذه أركان الإيمان .[/rtl]
[rtl] ويجب أن تعلمه أركان الإسلام ؛ من صلاةٍ ، وصيامٍ ، وحجٍ ، وزكاة .[/rtl]
[rtl] يجب أن تعلمه مبادئ هذا الدين القويم ، من عقيدةٍ ، ومن شريعةٍ، من عباداتٍ ومعاملاتٍ وأخلاق .[/rtl]
[rtl] يا أيها الإخوة المؤمنون ... هذه مسؤولية الآباء ، ماذا جاء في النصوص القطعية الصحيحة عن النبي عليه الصلاة والسلام ؟[/rtl]
[rtl] روى الحاكم عن ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول :((افتحوا على صبيانكم أول كلمةٍ بلا إله إلا الله)) .[/rtl]
[rtl] لأن التوحيد أساس الدين ، وما مِن معصيةٍ ، أو انحرافٍ ، أو بَغْيٍ إلا بسبب الشِرك ، فلو أيقنَ الإنسان أنه لا إله إلا الله ، وأنما هو إلهٌ واحد ، وأن الله في السماء إلهٌ وفي الأرض إلهٌ ، وأن الأمر كلَّه بيده ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة هود : من آية " 123 " )[/rtl]
[rtl] وأنه لا رافع ولا خافض ، ولا مُعز ولا مُذل ، ولا مُعطي ولا مانع ، ولا قابض ولا باسط إلا الله عزَّ وجل ، وأن كلمة التوحيد ـ كما قال علماء التوحيد ـ نهاية العِلم ، وأن التوحيد مع العبادة جَوْهَر الدين ، أنْ ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة الأعراف : من آية " 37 " )[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة الأنبياء : من آية " 108 " )[/rtl]
[rtl] ملخَّص هذا القرآن كله هو : أنه لا إله إلا الله ، ولا إله إلا الله كلمة ولكن شرحها يطول ، تحتاج إلى قصص كي تؤكِّدها ، وما قِصَّةُ سيدنا يوسف في مُجْمَلها ، وفي مغزاها إلا كي تؤمن بأنه لا إله إلا الله، وقد ورد مغزاها في بعض الآيات ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة يوسف ) [/rtl]
[rtl] وما قصة موسى في مغزاها ، إلا أن الأمر كله بيد الله ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة القصص : من آية " 7 " )[/rtl]
[rtl] لِمَ لا تخافي ؟ لأننا معه ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]وما قصة سيدنا يونس حينما التقمه الحوت ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة الأنبياء ) [/rtl]
[rtl] هذه كلمة ، ولكن شرحها يطول ؛ تُشْرح من خلال آيات الكون ، وتشرح من خلال قِصَص الأنبياء ، وتُشرح من خلال قصص الصحابة الكرام ، وتشرح من خلال الأحداث اليومية ، وتشرح من خلال الآيات القُرآنية . لذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال : ((افتحوا على صبيانكم أول كلمةٍ بلا إله إلا الله)) .[/rtl]
[rtl] الكلمة إذا كَثُرَ استعمالها قد تفقد بعض معناها ، يقول الناس جميعاً : لا إله إلا الله ، وقد يقولونها في ساعة غَضَبِهِم ، ولكن هل ندري ما معنى هذه الكلمة ؟ إنها الدين كله ، هذا الذي تخاف منه وتعصي الله خوفاً منه لا يستطيع أن يفعل شيئاً ؛ لا أن ينفعك ، ولا أن يضرَّك ، ولا أن يقدِّم ، ولا أن يؤخِّر ، إذا آمنت بأنه لا إله إلا الله زال شبح هذا الخوف . ماذا قال سيدنا هود؟..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة هود ) [/rtl]
[rtl] أيها الإخوة المؤمنون ... ويستحب مَنْ رُزِقَ مولوداً أن يفعل أول شيء أن يؤذِّن في أذنه اليُمنى ، وأن يُقيم في أذنه اليُسرى ، لأن هذا الطفل حديث العهد بالحياة ، أول شيءٍ يطرق سمعه كلمة التوحيد ، هكذا علَّمنا النبي عليه الصلاة والسلام ، وفعل هذا .[/rtl]
[rtl] وشيءٌ آخر : عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال عليه الصلاة والسلام : ((اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، ومروا أولادكم بامتثال الأوامر ، واجتناب النواهي ، فذلك وِقايةٌ لهم ولكم من النار)).[/rtl]
[rtl] هذا حديثٌ رواه ابن عباسٍ عن النبي عليه الصلاة والسلام : ((اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصي الله ، ومروا أولادكم بامتثال الأوامر ، واجتناب النواهي ، فذلك وقايةٌ لهم ولكم من النار)) .[/rtl]
[rtl] أما العبادات ؛ فقد وجَّهنا النبي عليه الصلاة والسلام أن نأمر بها أولادنا في سِن السابعة ، وأن نضربهم على تركها في سن العاشرة ، فقال عليه الصلاة والسلام : ((مروا أولادكم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرِّقوا بينهم في المضاجع)) .[/rtl]
[rtl]
( من الجامع لأحكام القرآن )[/rtl]
[rtl] وقد روى الطبراني عن سيدنا علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه قال : ((أدِّبوا أولادكم على ثلاث خصال ؛ حُبِّ نبيُّكم ... )) .[/rtl]
[rtl] لا لأن هذا الطفل في مُقْتَبَل العُمر من شأنه ، ومن طبيعته ، ومن خصائصه النفسية التعلُّق بشخصيةٍ مِثالية ، فإن لم تربِّ ابنك على حب النبي عليه الصلاة والسلام ، وحب آل بيته ، وحبِّ المؤمنين نشأ على حب أُناسٍ آخرين ؛ تشمئزُّ من أخلاقهم ، ومن عاداتهم ، ومن سلوكهم ، ومن مُعتقداتهم ، ومن أنماط حياتهم ، من تفكيرهم ، كأن نفسَ الطفل وعاءٌ إن لم يُملأ بشخصيّاتٍ مثاليةٍ، متمسكةٍ بأهداف الفضيلة ، امتلأت هذه النَفْسُ بشخصياتٍ تافهةٍ ، ساقطةٍ تخطف أبصار الأطفال بشكلٍ أو بآخر ، بسببٍ لا يَمُتُّ إلى الدين بصلةٍ إطلاقاً .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة المؤمنون ... هكذا توجيه النبي عليه الصلاة والسلام : ((أدِّبوا أولادكم على ثلاث خصال ؛ حبِّ نبيُّكم ، وحب آل بيته ، وتلاوة القرآن ...)) .[/rtl]
[rtl] السَلـَف الصالح في أطراف العالم الإسلامي ، في أيّام ازدهار العالم الإسلامي ، كان منهج التربية ، تعليم الأطفال القرآن الكريم ؛ فمن خلاله تقوُّم ألسنتهم ، ومن خلاله ينمو إيمانهم ، ومن خلاله تتهذَّب أخلاقهم ، ومن خلاله تنمو شخصيَّتهم ، إن مناهج التربية الإسلامية قائمةٌ على تعليم الصغار القرآن الكريم ، وبفضل الله عزَّ وجل إن في بلدتنا هذه معاهد كثيرةٌ جداً لتحفيظ القرآن الكريم ، ولتعليمِ علومه وآدابه ، فعلى كل أب أن ينتبه لهذه الناحية .. ((أدِّبوا أولادكم على ثلاث خصال ؛ حبِّ نبيُّكم ، وحب آل بيته ، وتلاوة القرآن الكريم ، فإن حملة القرآن في ظلِّ عَرْشِ الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه)) .[/rtl]
[rtl] يا أيها الإخوة المؤمنون ... يتفرَّع عن تأديب الأطفال على حب النبي وحب آل بيته ، أن تُعَلِّم ابنك سيـرة رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، فضلاً عن تعليمه القرآن ، وعن تعليمه أحكام الصلاة ، وعن تعليمه أركان الإيمان ، وأركان الإسلام ، وعن بيان آيات الله العظيمة الدَّالة عليه ، فضلاً عن كل ذلك يجب أن تعلمه سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، لماذا ؟ [/rtl]
[rtl] لأن النبي عليه الصلاة والسلام قُرْآنٌ يمشي ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام هو المثل الأعلى ، والقدوة الصالحة ، والأسوة الحسنة ، لأن أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام تمثَّلت فيها أخلاق الإسلام ، أخلاق القرآن ، كيف كان يعيش ؟ كيف يُعامل أهله ؟ كان إذا دخل بيته بسَّاماً ضحَّاكاً ، كان إذا دخل بيته لفَّ ثوبه ، كان يتصابى للصِبيان ، كان يسلِّم عليهم ، كان يحمل حاجته بيده ، كان لا يأنف من قضاء حاجة ضعيفٍ أو مسكين ، كان مع إخوانه وأصحابه ، وقد توزَّعوا بعض الأعمال ..[/rtl]
[rtl] ـ قال : عليَّ سلخها . [/rtl]
[rtl] ـ وقال آخر : وعليَّ ذبحها . [/rtl]
[rtl] ـ وقال ثالث : وعليَّ طبخها . [/rtl]
[rtl] ـ فقال عليه الصلاة والسلام : وعليَّ جمع الحطب .[/rtl]
[rtl] ـ فقالوا : نكفيك ذلك . [/rtl]
[rtl] ـ قال : أعلم أنكم تكفونني ، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه .[/rtl]
[rtl] هذا درسٌ بليغ . قلت لكم في الأسبوع الماضي كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما دخل عليه أميرٌ من أمراء العرب ؛ خلع ثوبه وقذفه إليه وقال : ((اجلس عليه)) .[/rtl]
[rtl] فما كان من هذا الرجل ـ الذي له مكانةٌ في قومه ـ إلا أن أخذ ثوب النبي ، ووضعه على وجهه ، وقبَّله وبكى ، وقال : أكرمك الله كما أكرمتني ، وما كان لي أن أجلس على ثوبك يا رسول الله ، ثم ردَّه إلى النبي عليه الصلاة والسلام . [/rtl]
[rtl] وقال عليه الصلاة والسلام : ((إذا جاءكم كريم قومٍ فأكرموه)).[/rtl]
[rtl]
( من تخريج أحاديث الإحياء : عن "ابن عمر ")[/rtl]
[rtl] لو قرأتم سيرة النبي عليه الصلاة والسلام قراءةً متأنِّيةً ، متمعِّنةً ، هادفةً ، دقيقةً ، متفحصةً، لوجدتم أن في سيرته من الدروس والعِبَر ، ومن الإرشادات والتعاليم ما لا يستطيع بشرٌ على الإطلاق أن تكون حياته كُلها حقائق ، ومواقف ، وعِبَر ، ودروس ، لذلك عندما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ((أدِّبوا أولادكم على ثلاث خصال ؛ حبِّ نبيُّكم ...)) .[/rtl]
[rtl] أي علِّموهم سيرة النبي ، كيف يحبون النبي ؟ هل تقول له : أحب نبيَّك ؟ هذا كلامٌ لا معنى له ، فقل لابنك آلاف المرات : أحبَّ النبي يا بني . يقول لك : أحبه . ليس هذا هو المقصود ، بل المقصود أن تريه كمال النبي ، رحمة النبي ، تواضع النبي ، عَدْلَ النبي ، ((... ويم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها)) .[/rtl]
[rtl]
( من رياض الصالحين : عن " السيدة عائشة " )[/rtl]
[rtl] هذا العدل ، والرحمة . سمح أهل المدينة أصواتاً مرعبةً ، فخرجوا من بيوتهم ذات ليلة ، فإذا بالنبي قد سبقهم إلى ذلك الصوت ، وعاد يقول لهم : ((لن تُراعوا لن تراعوا)) .[/rtl]
[rtl]
( من اللباب في شرح الكتاب : عن " صفوان بن أمية ")[/rtl]
[rtl] ما هذه الشجاعة ؟ . في معركة حنين قال : ((أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ...)) .[/rtl]
[rtl]
( من الجامع لأحكام القرآن )[/rtl]
[rtl] كان أقرب الصحابة إلى العدو ، كيف يحب ابنك النبي ؟ قل له : أحب النبي يا بني . هذه تربيةٌ عَقيمة ، هذه تربيةٌ غير مُجْديةٍ ، إذا بيَّنت له مواقف النبي ، تواضع النبي ، زهد النبي ، حرص النبي ، عطف النبي ، رحمة النبي ، إذا بيَّنت له هذه الصفات والشمائل أحبَّه ، لماذا أحبَّه؟ لأن الإنسان فُطِرَ على حُبِّ الكمال ، هذا من فطرته ، هذا جزءٌ من طبيعته ومن فطرته ، (( يا داود ذكِّر عبادي بإنعامي عليهم ، فإن النفوس جُبِلت ـ أي يا داود هكذا خلقتها ـ على حب من أحسن إليها وبُغض من أساء إليها)) .[/rtl]
[rtl] أبو جهل ، ماذا فعل ؟ من أعدى أعداء النبي ، من ألدِّ خصوم النبي ، ما ترك وسيلةً ، ولا موقفاً ، ولا كلمةً إلا وآذى بها النبي ، وهو من أعدى أعداء النبي ، جاء ابنه عكرمة مسلماً ، قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه : ((يأتيكم عكرمة مؤمناً فلا تسبوا أباه ، فإن سبَّ الميت يؤذي الحيّ)) .[/rtl]
[rtl]
( من الموطأ للإمام مالك )[/rtl]
[rtl] أبعد هذه الأخلاق من أخلاق ؟ ماذا قال عليه الصلاة والسلام ؟ ((فلا تسبوا أباه ، فإن سبَّ الميت يؤذي الحيّ)) ، مراعاةً لمشاعر ابنه عكرمة، مراعاةً لأحاسيسه ، مراعاةً لبنوَّته .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة الأكارم ... حين قال عليه الصلاة والسلام : ((أدبوا أولادكم على حب النبي...)).[/rtl]
[rtl] أي يجب أن تعلِّم أولادك سيرة النبي ، اجلس معهم واقرأ عليهم طرفاً من سيرة النبي ، من مواقفه ، من شمائله ، البيت الذي ليس فيه كتابٌ عن سيرة النبي ، وعن مواقفه ، وعن شمائله بيـتٌ مُقْفِر ، أنت مسلم ، وهذا نبيُّك ، هذا هو المثل الأعلى ، هذا المُصطفى حبيب الحق ، وسيد الخلق ، سيد ولد آدم ، الذي أدَّى الأمانة ، وبلَّغ الرسالة ، ونصح الأمة ، وكشف الغمَّة ، وجاهد في الله حقَّ الجهاد ؛ ألا ينبغي أن تعرف مواقفه ؟ مغازيه ؟ صفاته ؟ أخلاقه الشخصية ؟ فضائله؟ كمالاته ؟ لا تحب النبي إلا إذا عرفته ، وفي القرآن ما يدل على ذلك ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة المؤمنون : من آية " 69 " )[/rtl]
[rtl] ماذا تفعل ؟ اعرف رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ثم عَرِّف ابنك به .[/rtl]
[rtl] إذاً يتفـرع عن حب النبي ، وعلى تأديب الأطفال على حب النبي أن تقرأ سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، وأن تقرأ سِيَرَ الصحابة ، وأن تقرأ عن الشخصيات الإسلامية المرموقة ؛ كيف كان زهدهم ، وكيف كانت غيرتهم ، وكيف كان حرصهم ، وكيف كان تواضعهم ، وكيف كانت بطولاتهم . لأن الشاب إن لم تملأ نفسه هذه الشخصيّات الفَذَّة فسوف تملؤها شخصياتٌ أخرى ممن يتقنون بعض المهارات ، ولا خَلاق لهم ، شخصيةٌ لامعة تتقن بعض المهارات الحركية ، ولا تنطوي على مُثُلٍ ولا على قيَم ، إذا بالأبناء جميعاً يتعلقون بهؤلاء .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة الأكارم ... سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ، ماذا كان يقول ؟ كان يقول : (كنا نُعَلِّم أولادنا مغازي النبي عليه الصلاة والسلام ، كما نعلمهم السورةَ من القرآن) . [/rtl]
[rtl] الإمام الغزالي ـ حجة الإسلام ـ ماذا قال ؟ نصح الآباء أن يعلّموا أبناءهم القرآن الكريم ، وأحاديث النبي عليه الصلاة والتَسْليم ، وحِكايات الأبرار ، ثم بعض الأحكام الدينية ، كلامٌ دقيق ، منهج ؛ القرآن ، سيرة النبي ، سيرة أصحابه والتابعين ، بعض الأحكام الفِقهية ، أحكام الصلاة في الدرجة الأولى ، هذا منهج كل أب .[/rtl]
[rtl] ابن خلدون ؛ مؤسس علم الاجتماع بيَّن أهمية تعليم القرآن الكريم وتحفيظه للصغار . [/rtl]
[rtl] ابن سينا ؛ العالِم والفيلسوف بيَّن أثر تعليم الطفل القرآن الكريم ، وبيَّن أثر هذا التعليم في تنمية لُغته ، وفي ترسيخ الإيمان في قلبه . [/rtl]
[rtl] رجـلٌ اسمه الفضل بن زيد ؛ رأى شاباً وسيماً ، فارساً شجاعاً عليه مخايل الذكاء ، فسأل أمه : كيف رَبَّيْته ؟ [/rtl]
[rtl] فقالـت : حينمـا أتمَّ خمس سنوات أسلمته إلى المؤدِّب فحفظ القرآن وتلاه ، ثم رغَّبته في مفاخر قومه ، ولقَّنته مآثر آبائه وأجداده ، فلما بلغ الحُلُم حملته على أعناق الخيل ، فتمرَّس وتفرَّس، وصار يمشي بين البيوت يُصغِ إلى كل صرخة مظلوم . [/rtl]
[rtl] إذا كان آباؤنا بخير فنحن بخير ، إذا كان الجيل الصاعد جيلاً تربَّى على قيمٍ صحيحة ، وعلى خُلُقٍ قويم ، وعلى انضباطٍ وعلى إنتاجٍ فنحن بخير ، لأن الأطفال مَعْقِدُ آمال الأمة .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة الأكارم ... حقيقةٌ في التربية خطيرة ، هي : أن الطفل الصغير يولد صفحةً بيضاء ، تماماً ، هذا عبَّر عنه النبي عليه الصلاة والسلام بحديثٍ شهير ، قال عليه الصلاة والسلام : ((كل مولودٍ يولد على الفطرة ...)) .[/rtl]
[rtl]
( من الجامع لأحكام القرآن )[/rtl]
[rtl] وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم فقال الله عزَّ وجل :[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة الروم : من آية " 30 " )[/rtl]
[rtl] أي أنَّ الله عزَّ وجـل أعطاك ابنك صفحةً بيضاء ، أعطاك ابنك ذا فطرةٍ عالية ، فطرةٍ رائعة ، عليك أن تَكْتُب على هذه الصفحة البيضاء الكلام الطيّب ، الخُلُقَ الحَسَن ، إذا اجتمع إلى الفطرة التي فطر الله الناس عليها ؛ إيمانٌ راسخ ، وأخلاقٌ فاضلة ، وتربيةٌ صالحة كان الجيل بخَيْر ، لذلك حينما تهمل ابنك تتلوَّث فطرته ، تُطْمَسُ معالم فطرته النقية، الأصل أن الطفل يولد على الفطرة السليمة ، ما عليك إلا أن تُغَذِّي هذه الفطرة بالتربية الصحيحة ، والتوجيه القويم ، والتلقين الصحيح .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة ... الإمام الغزالي ، رحمه الله تعالى ، وهو في علم التربية من كبار المربين في العالم الإسلامي ، له كتبٌ كثيرة في التربية الإسلامية ، يقول الإمام الغزالي رحمه الله تعالى : " الصبيُّ أمانةٌ في عُنق والديه ، وقلبه الطاهر جوهرةٌ نفيسة ، فإذا عوِّدَ الخير وعَلِمَهُ ، نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ، وإن عوِّد الشر وأُهْمِلَ إهمال البهائم شَقِيَ وأشْقَى ، وهَلَك وأَهْلَك ، وصيانة هذا الطفل بأن يؤدبه ، ويهذبه ، ويعلِّمه محاسن الأخلاق " .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة الأكارم ... كيف نرسِّخ في أبنائنا الإيمان بالله عزَّ وجل ؟ القرآن علَّمنا ، القرآن فيه كل شيء ، قال تعالى :[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة النحل ) [/rtl]
[rtl] أي إذا نزل المطر ؛ ليكن لك مع ابنك وقفةٌ ، هذا المطر يا بني من فِعْل الله عزَّ وجل ، إنه رحمة ، سمَّاه الأجداد الغَيْث ، إنه يُنْبِت الكلأ، ينبت العشب ، ينبت الزرع والزيتون ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]هكذا علِّم ابنك ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة النحل ) [/rtl]
[rtl] هذه الآيات كل كلمة تحتاج إلى موضوع طويل ، إذا عرف ابنك أن هذه الجبال مِن خَلْقِ الله ، وأن وظائفها كذا وكذا ، وأن هذه الأمطار، وأن هذه البحار ؛ وما فيها من أسماك ، وما في الجو من أطيار إذا ملأت نفسه بهذه الآيات عرف أن وراء هذا الكون خالقاً عظيماً ، ومُربياً رحيماً ، ومسيِّراً حكيماً .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة المؤمنين ... لابدَّ من أن تلفت نظر ابنك إلى هذه الآيات الكونية التي بثَّها الله في السماوات والأرض .[/rtl]
[rtl] شيءٌ آخر : علِّمه الخشوع ، ربنا عزَّ وجل يقول :[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة الزمر : من آية " 23 " )[/rtl]
[rtl] هل يقشعر جلدك إذا قرأت القرآن الكريم ؟ ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة الأنفال : من آية " 2 " )[/rtl]
[rtl] هذه علامة ثانية ، و ..[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة مريم ) [/rtl]
[rtl] علِّمه أن يعرف الله عزَّ وجل من خلال الكون ، وعلِّمه أن يخشع قلبه ، وأن يقشعر جلده ، وأن تَنْهَمِرَ عيناه بالدموع إذا تلا آيات الله عزَّ وجل .[/rtl]
[rtl] يا أيها الإخوة المؤمنون ... روى الإمام البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود ، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال :((يا عبد الله اقرأ عليَّ القرآن . فقال عبد الله بن مسعود : أقرأه عليك وعليك أنـزل ؟! قال عليه الصلاة والسلام : إني أحب أن أسمعه من غيري ، فقرأت عليه سورة النساء ، حتى إذا وصلت إلى هذه الآية :[/rtl]
[rtl]
[/rtl]
[rtl]
( سورة النساء ) [/rtl]
[rtl] قال عليه الصلاة والسلام : ((حَسْبُكَ)) ، أي اكتفِ ، فالتفت إليه فإذا عيناه تزرفان بالدموع.[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة المؤمنون ... طريقةٌ أخرى في تعليم مراقبة الله عزَّ وجل ، لابدَّ من يؤمن ابنك بالله ، وأن يخشع قلبه لذِكْرِه ، وأن يشعر بمراقبته . [/rtl]
[rtl] عالمٌ جليل ، عارفٌ بالله كبير اسمه سهل بن عبد الله التَسْتُرِيّ ، عَلَمٌ من أعلام الإسلام ، كان طفلاً صغيراً في الخامسة من عمره قال :[/rtl]
[rtl] ـ كنت أنا في سن خمس سنين ، أقوم بالليل فأنظر إلى صلاة خالي محمد بن سوار ، فقال لي يوماً : [/rtl]
[rtl] ـ ألا تذكر الله الذي خلقك يا بني ؟ ـ عمره خمس سنوات ـ [/rtl]
[rtl] ـ فقلت : كيف أذكره ؟ [/rtl]
[rtl] ـ قال : قل بقلبك عند تَقَلُّبك في فراشك ثلاث مرّات ، من غير أن تحرِّك لسانك : الله معي ، الله ناظري ، الله شاهدي . [/rtl]
[rtl] ـ فقلت ذلك ، فلما أعلمته قال : [/rtl]
[rtl] ـ قل في كل ليلةٍ سبع مرات .[/rtl]
[rtl] ـ فقلت ذلك فلما أعلمته .[/rtl]
[rtl] ـ قال : قل في كل ليلةٍ إحدى عشرة مرة ، احفظ ما علَّمتك ، ودُم عليه ، فإنه ينفعك في الدنيا والآخرة .[/rtl]
[rtl] ـ قال : فلم أزل على ذلك سنين ، فوجدت ذلك حلاوةً في سِرّي ، ثم قال لي خالي يوماً : [/rtl]
[rtl] ـ يا سهل ، من كان الله معه ، وناظرٌ إليه ، ومشاهده أيعصيه ؟ [/rtl]
[rtl] ـ قلت : لا . [/rtl]
[rtl] ـ قال : إياك أن تعصيه .[/rtl]
[rtl] درسٌ بليغ ، طريقةٌ لطيفة في تعليم الصغار ، أي يجب أن تهتم في تعليم أبنائك ، يجب أن يأخذ أولادك من ساحة نفسك ، من اهتمامك حَيِّزاً كبيراً ، حتى يكون أولادك من بعدك ذُخراً لك ، وأن يكونوا صدقةً جاريةً تأتيك الخيرات من قِبَلِهم بعد انقطاع الحياة .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة المؤمنون ... فيلسوفٌ غربي له كلمة ، قال : " لا وجود للأخلاق من دون ثلاث اعتقادات ؛ أن تعتقد بوجود الله ، وأن تعتقد بخلود الروح ، وأن تعتقد بالحساب بعد الموت . إن لم يعتقد الإنسان بوجود الله ، وبأن بعد هذه الحياة حساباً دقيقاً ، وبأن النَفْس خالدةٌ إلى الأبد ، إن لم يعتقد بهذه الاعتقادات الثلاثة ، فلا يمكن أن يكون أخلاقياً .[/rtl]
[rtl] أيها الإخوة المؤمنون ... حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطَّانا إلى غيرنا ، وسيتخطَّى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني .[/rtl]
[rtl]والحمد لله رب العالمين[/rtl]
[rtl]* * *[/rtl]
[rtl]الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخُلُقِ العظيم ، اللهمَّ صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .[/rtl]
[rtl] اللهمَّ اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولَّنا فيمن توليت ، وبارِك اللهمَّ لنا فيما أعطيت ، وقنا واصرف عنا شرَّ ما قضيت، فإنك تقضي ولا يُقضى عليك .[/rtl]
[rtl] اللهمَّ أعطنا ولا تحرمنا ، وأكرمنا ولا تُهنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وأرضنا وارض عنا. [/rtl]
[rtl] اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها مَعاشُنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردُّنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خَير ، واجعل الموت راحةً لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين .[/rtl]
[rtl] اللهم اكتب الصحة والسلامــة للحجاج والمسافرين ، والمقيمين والمرابطين ، في برِّك وبحرك من أمة محمدٍ أجمعين .[/rtl]
[rtl] اللهمَّ إنا نعوذ بك من الخوف إلا منك ، ومن الفقر إلا إليك ، ومن الذل إلا لك ، نعوذ بك من عُضال الداء ، ومن شماتة الأعداء ، ومن السَلب بعد العطاء مولانا رب العالمين .[/rtl]
[rtl] اللهمَّ اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك .[/rtl]
[rtl] اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا ، وآمنا في أوطاننا ، واجعل هذا البلد آمناً سخياً رخيا، وسائر بلاد المسلمين .[/rtl]
[rtl] اللهم متِّعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا ، واجعله الوارث منا .[/rtl]
[rtl] اللهم هَب لنا من أزواجنا وذرِّياتنا قرَّة أعين ، واجعلنا للمتقين إماما .[/rtl]
[rtl] اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام وأعزَّ المسلمين ، وخذ بيد ولاتهم إلى ما تحب وترضى ، إنه على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .[/rtl]
[rtl]والحمد لله رب العالمين[/rtl]