بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ، ونستعين به ، ونسترشده ، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مُضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، إقراراً بربوبيته ، وإرغاماً لمن جحد به وكفر ، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ، سيد الخلق و البشر ، ما اتصلت عين بنظر ، أو سمعت أذن بخبر ، اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه ، وعلى ذريته ومن والاه ومن تبعه إلى يوم الدين ، اللهم علمنا ما ينفعنا ، وانفعنا بما علمتنا ، وزدنا علماً ، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ، و اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين ، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
أيها الإخوة الكرام ، لا شك أنكم تتوقعون أن أقطع الموضوع المسلسل لأتحدث عن ذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد ألِف الدعاة في هذه البلاد بلاد الشام أن يحتفلوا كل عام بذكرى مولد سيد الأنام ، ولكن لا بد من أن نفرق بين احتفالين ، بين احتفال يعدّ من تقاليد المجتمع الإسلامي وعاداته ، وبالتعبير المعاصر احتفال فلكلوري أساسه رفع الزينات ، وإلقاء الكلمات وتوزيع الحلويات ، واحتفال حقيقي أساسه الاتباع ، وشتان بين الاحتفالين .
بادئ ذي بدء يمكن أن نربط بين ما يجري في العالم الإسلامي في القارات الخمس ، الحرب المعلنة على المسلمين في كل البلاد ، واحتلال أقطار خمسة من أقطاره ، ونهب ثرواتهم ، وقتل أبنائهم ، وإذلال شعوبهم ، وبين المعنى الآخر لمعاني الاحتفال بعيد المولد ألاَ وهو الاتباع .
الآية الفاصلة في هذا الموضوع :
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ .
[ سورة الأنفال ]
نحن الآن نعذب أشد أنواع التعذيب ، نقتل بسبب وبلا سبب ، نهجَّر ، كما في الصومال ، والسودان ، وفلسطين ، ولبنان ، والعراق ، وأفغانستان .
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ .
[ سورة الأنفال ]
إذا احتفلنا بعيد المولد احتفال اتباع فما كان لله أن يسمح للطرف الآخر أن ينال منا ، وهذه صيغة في القرآن الكريم من أشد صيغ النفي ، سمى هذه الصيغة علماء النحو نفي الشأن .
وللتوضيح : قد أسأل أحدكم : هل أنت جائع ؟ فيقول لا ، هذا نفي ، أما لو سئل أحدهم : هل أنت سارق ، وهو إنسان عظيم وشريف ، لا يقول : لا ، يقول : ما كان لي أن أسرق ، أي لا أفعل هذا ، ولا أرضاه ، ولا أقره ، وأنكره أشد الإنكار ، وأنكر من يفعل هذا ، حتى لقد عدّ العلماء أكثر من عشر حالات تنفى بهذه الصيغة :
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ .
[ سورة الأنفال ]
أي أنّ سنتك مطبقة فيهم ، في بيوتهم ، في تربية أولادهم ، في اختيار زوجاتهم ، في كسب أموالهم ، في إنفاق أموالهم ، في تجارتهم ، في نوع البضائع في تجارتهم ، في طريقة بيعهم ، في حلهم ، في ترحالهم ، في أفراحهم ، في أتراحهم .
وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ .
[ سورة الأنفال ]
إذاً : نحن حينما نحتفل احتفالاً من التراث من عاداتنا وتقاليدنا ، نأتي بالمنشدين فيرفعون أصواتهم بالمديح ، ويقف الخطباء يتحدثون ، وانتهى الأمر في شهر في العام ، أو يوم في العام ، أو شهرين في العام ، والدين في واد وحياتنا في واد آخر .
لقد فهمنا الدين عبادات شعائرية ، ولم نفهمه منهجاً كاملاً شاملاً يغطي كل أنواع حركاتنا وسكناتنا ، إذا اكتفينا أن نحتفل بعيد المولد احتفالاً فلكلورياً كجزء من تراثنا وحضاراتنا وعاداتنا وتقاليدنا فنحن كما ترون .
بل إن الآية الكريمة :
نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ .
[ سورة المائدة : 18 ]
بماذا ردّ الله عليهم ؟ لم يقبل دعواهم ، بل قال :
قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ .
[ سورة المائدة : 18 ]
وقياساً على هذه الآية إذا قال المسلمون : نحن أمة محمد ، وهو سيد الخلق ، وحبيب الحق ، نحن معنا خاتمة الرسالات ، ونبينا سيد الأنبياء ، وكتابنا خاتم الكتب ، يردّ علينا كما ردّ القرآن الكريم على أهل الكتاب :
قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ .
[ سورة المائدة : 18 ]
1 – ليس هذا هو الدين :
والحقيقة المرة :
بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ .
[ سورة المائدة : 18 ]
ليس هذا من باب التيئيس ، لا والله ، بل من باب الحقيقة المرة التي هي أفضل ألف مرة من الوهم المريح : ليس الدين أن تقيم احتفالاً بعيد المولد ، بل الدين أن تقف عند الحلال والحرام ، أن يراك حيث أمرك ، وأن يفتقدك حيث نهاك ، ألاّ تغش المسلمين ، ألاّ ترفع السعر بطريقة احتيالية لتقلل القوة الشرائية في يد أصحاب الدخل المحدود ، فلا يستطيعون تربية أولادهم .
أيها الإخوة الكرام ، المال قوام الحياة ، وحينما ترفع السعر لتحقق طموحك الشخصي على حساب هؤلاء الملايين من أصحاب الدخل المحدود ، حينما تقلّ القوة الشرائية بيد صاحب الدخل المحدود لا يستطيع أن يكفي أسرته ولا أولاده ، إلاّ أن يمد يده إلى الحرام ، أو إلى أن يعيش في الحرمان ، أو إلى أن يلغي أبوته ، فيذهب قبل أن يستيقظ الأطفال ، ويعود بعد أن يناموا ، هذا الشريف هذا أعلى إنسان شريف من أجل أن يواجه متطلبات الحياة يلغي وقت فراغه ، يلغي جلوسه مع أولاده ، يلغي إشرافه على بيته .
2 – شمولية الدين لجميع نواحي الحياة :
أيها الإخوة الكرام ، ليس الدين في المسجد ، في مكتبك كمحامٍ ، في عيادتك كطبيب ، في دكانك كبائع ، في المواد التي تستوردها كمستورد ، هل يعقل أن تستوردها من بلد صناعي من الدرجة العاشرة ، وتكتب عليها بالاتفاق مع الشركة أنها صنعت في دولة من الدرجة الأولى ، وتصلي الأوقات الخمسة في المسجد ؟ لا والله ، ما هذا هو الدين ، لأنّ ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام ، والله لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر واعتكافه في مسجدي هذا ، الدين مجتمع قوي ، الدين مجتمع مكتفٍ ، الدين مجتمع منضبط ، الدين مجتمع متعاون ، الدين مجتمع فيه صدق ، فيه أمانة ، فيه عفة ، هل الدين أن تسمح لابنتك أن ترتدي ثياباً ضيقة ، وأنت أب مسلم ، ماذا تفعل في المسجد ، وقد سمحت لها أن تبدي كل مفاتنها لمن هبّ ودبّ ؟
أيها الإخوة الكرام ، عندنا خطأ بالتعبير المعاصر استراتيجي في فهم الدين ، لقد فهمناه ارتياد المساجد ، وإقامة الصلوات ، وصوم رمضان ، وحج البيت ، وأداء عدد كبير من العمرات ، بينما الدين أن تكون صادقاً في كل شؤون حياتك ، أن تكون أميناً ، أن تكون عفيفاً ، أن يكون دخلك حلالاً ، أن تأكل طعاماً طيباً ، بمعنى أن ثمن هذا الطعام حصلته من طريق مشروع ، لا غش فيه ، ولا خداع ، ولا إيهام ، ولا احتكار ، ولا أي معصية من معاصي البيع والشراء .
3 – كل احتفال لا يرافقه استقامة لا فائدة منه :
أيها الإخوة الكرام ، أيّ ضجيج ، وأيّ رفع صوت في ذكرى مولد النبي من دون أن يرافقه استقامة على منهجه عمل لا يقدم ولا يؤخر ، قال تعالى :
وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ .
[ سورة المائدة : 18 ]
أنا مع الاحتفال بعيد المولد ، ولست ضده ، الدليل أن الله عز وجل يقول :
وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ (120) .
[ سورة هود]
فإذا كان قلب سيد الخلق ، وحبيب الحق ، وهو سيد ولد آدم يزداد ثبوتاً بسماع قصة نبي دونه فلأن يمتلئ قلبنا إيماناً وقوة ويقيناً بسماع قصة سيد الأنبياء والمرسلين من باب أولى ، أنا مع الاحتفال الحقيقي ، مع احتفال الاتباع ، لا مع احتفال فلكلوري .
أيها الإخوة الكرام ، إذا كان الله عز وجل يقول :
أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ (69) .
[ سورة المؤمنون ]
إذاً : هو يدعونا إلى معرفة هذا الرسول ، بل إن معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء من الدين ، بل هي شطر الدين ، لأن كلمة الإسلام الأولى : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، لأن المثل العليا والقيم الأخلاقية التي جاء بها النبي عليه الصلاة والسلام لا قيمة لها من دون أن تراها مجسدة في إنسان متحرك ، لذلك إذا قلت الآن كلمة مثالية يستهزأ بك ، لأن الواقع انفصل عن المثالية .
إنّ أعظم ما في الدين الإسلامي أنه جاء بواقعية مثالية ، ومثالية واقعية ، أما الآن فيقال لك مثلاً : السياسة ليس لها دين ، فهي كذب ونفاق ، هذا خطأ ، ما لم نلائم بين المثل وبين الواقع فلسنا مسلمين ، يقول لك أحدهم : إياك أن تشاركه فتخسره ، ما هذا الدين الذي إذا عاملت أخي أخسره ؟ هذا المنهج غير صحيح ، معنى ذلك أنه يجب أن تشاركه ، وتربحه ، وأن يأخذ ما له ، وأن يعطي ما عليه ، هكذا هذا الدين ، في الأسواق ، في الشراكة ، في التجارة ، في البيع ، في الاستيراد ، في كل نشاطاتك ، في العرس ، أسرة ملتزمة مسلمة ، العرس استثناء فيه تفلت وغناء ، ورقص وثياب كاشفة للعورات ، إن لم يكن الدين منهج لنا يغطي كل شؤون عندئذ لا نستحق أن تنفذ وعود الله لنا .
وعود الله في القرآن الكريم كثيرة جداً :
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي (55) .
[ سورة النور ]
هذه وعود ، وزوال الكون أهون على الله من ألا يحقق وعوده للمؤمنين ، قال تعالى :
وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173) .
[ سورة الصافات ]
إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (51) .
[ سورة غافر ]
وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) .
[ سورة الروم ]
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ (160) .
[ سورة آل عمران ]
وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141) .
[ سورة النساء ]
لأنه خلف من بعدهم خلف ، قال تعالى :
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً (59) .
[ سورة مريم ]
وقد لقينا ذلك الغي .
أيها الإخوة الكرام ، قوله تعالى :
وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ (120) .
[ سورة هود ]
هذه الآية في القرآن الكريم تغطي كل لقاء في هذا الشهر ، والشهر الذي يليه ، وفي كل أشهر العام ، وفي كل أيام السنة نجتمع ونتحدث عن هذا الإنسان الأول ، عن تواضعه ، عن رحمته ، عن عدله ، عن زهده ، عن رحمته ، عن لطفه ، معرفة رسول الله صلى الله عليه وسلم جزء أساسي من الدين ، بل جزء لا يتجزأ منه ، بل هو دعوة إلى الله ، قال تعالى :
قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ (46) .
[ سورة سبأ ]
هذا الذي ينبغي أن نفعله وأن نجتمع من أجله في بيوتنا وفي مساجدنا وأن نتعرف إلى منهج النبي عليه الصلاة والسلام .
1 – دراسة السيرة فرض عينٍ :
ولكن يا أيها الإخوة الكرام ، لا يليق أن نحتفل بذكرى مولد النبي عليه الصلاة والسلام في العام يوماً أبداً ، ينبغي أن نحتفل بذكر النبي بدراسة منهجه ، بدراسة أحاديثه ، بقراءة سيرته كل يوم على مدى العام ، هل تصدقون أن هذا فرض عين ، أنت لماذا تصلي ؟ الجواب الطبيعي البديهي : لأن الصلاة فرض ، فإذا أثبت لك أن تعلم سنة النبي فرض عين ، وأن تعلم سيرته العملية فرض عين آخر ، ماذا تفعل ؟ يجب أن تسارع إلى أن تقتني كتاباً في الحديث الشريف الصحيح ، وأن تسارع إلى أن تقتني كتاباً في السيرة النبوية ، أو أن تسارع إلى أن تقتني قرصاً مدمجاً في الحديث الصحيح ، أو في السيرة النبوية .
2 – كلُّ أمرٍ في القرآن يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك :
السبب لأن كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، هذه قاعدة أصولية ، كل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ما لم تقم قرينة على خلاف ذلك ، فإذا قال الله عز وجل :
فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (29) .
[ سورة الكهف ]
فليكفر ، هل اللام للأمر ، لا يعقل أن تأمر بالكفر ، ولكن هذا الأمر كما قال علماء البلاغة أمر تهديد ، قال تعالى :
وَكُلُوا وَاشْرَبُوا (187) .
[ سورة البقرة]
هذا أمر إباحة ، قال تعالى :
وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ(32) .
[ سورة النور]
هذا أمر ندب ، ما لم تقم قرينة على خلاف الأمر ، فكل أمر في القرآن الكريم يقتضي الوجوب ، قال تعالى :
وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ (7) .
[ سورة الحشر]
كيف يطبق هذا الأمر ؟ وهو أمر يقتضي الوجوب إن لم تعلم ما الذي أمر به ، إذاً : لا بد أن تطلع على مدى العام على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية ، فإذا قال الله عز وجل :
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ (21) .
[ سورة الأحزاب]
كيف يكون أسوة حسنة وأنت لم تقرأ سيرته إطلاقاً ؟ كيف تزوج ؟ كيف كان مع زوجته ؟ مع أولاده ؟ مع أصهاره ؟ مع بناته ؟ مع جيرانه ؟ مع أخوانه ؟ مع أصحابه ؟ كيف كان في سلمه ، وفي حربه ؟ كيف كان في الفقر والغنى ؟ كيف يكون قدوة لك إن لم تعرف سيرته ؟
أيها الإخوة الكرام ، أذاقه الله الفقر .
الصورة الأولى :
دخل إلى البيت مرة وهو جائع فعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ :
(( دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ : هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ ؟ فَقُلْنَا : لَا ، قَالَ : فَإِنِّي إِذَنْ صَائِمٌ )) .
الصورة الثانية :
وأغناه مرة فسأله أحد زعماء القبائل : لمن هذا الوادي من الغنم ؟ قال : هو لك ، قال : أتهزأ بي ؟ قال : لا والله ، هو لك ، قال : أشهد أنك رسول الله تعطي عطاء من لا يخشى الفقر .
الصورة الثالثة :
أذاقه الاضطهاد في الطائف ، كذبوه ، وسخروا منه ، وأغروا صبيانهم ليضربوه ، قال : يا رب ، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي ، يا رب ، إذا كانت هذه الشدة تعني أنك غاضب علي فلك العتبى حتى ترضى ، وإن كانت لا علاقة لها بغضبك ورضاك فلا أبالي لكن عافيتك أوسع لي .
الصورة الرابعة :
ولما أذاقه النصر بمكة بإمكانه بحركة من شفتيه أن ينهي وجود أعدائه الذين حاربوه عشرين عاماً ، قال : ما تظنون أني فاعل بكم ؟ قالوا : أخ كريم ، وابن أخ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء ، لذلك قال أبو سفيان : ما أعدلك ! وما أرحمك ! وما أوصلك ! وما أحلمك ! ذاق القهر ، وذاق النصر ، وذاق الفقر .
الصورة الخامسة :
وذاق الغنى ، وذاق موت الولد ، إن العين لتدمع ، وإن القلب ليحزن ، ولا نقول إلا ما يرضي الرب ، وإنا عليك يا إبراهيم لمحزونون ، وذاق تطليق ابنتيه ، تطليق البنت صعب جداً .
الصورة السادسة :
وذاق أن تتهم زوجته العفيفة الطاهرة ؛ أن تتهم بأثمن ما تملكه امرأة فصبر حتى برأها الله في عليائه ، فلما قال لها أبوها : قومي فاشكري رسول الله ، قالت : لا والله ، لا أشكر إلا الله ، فابتسم عليه الصلاة والسلام ، وقال : عرفت الخير لأهله .
الصورة السابعة :
كانت عنده امرأة تقمُّ المسجد ، وهل في السُّلّم الاجتماعي عمل أدنى من أن يقمَّ الإنسان مكاناً ، أما هو عند الله فقد يكون أرقى عمل ، أنت حينما تكون في خدمة بيت الله ، هذه صنعة سيدنا إبراهيم ، أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ .
[ سورة البقرة : من الآية 125 ]
ومع ذلك لما ماتت اجتهد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أن هذه المرأة شأنها أقلّ مِن أن يخبر عن موتها النبي عليه الصلاة والسلام ، فلم يخبروه ، فلما تفقدها بعد أيام قالوا : ماتت ، فغضب ، قال : هلا أعلمتموني ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ الْمَسْجِدَ فَمَاتَ ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ فَقَالُوا : مَاتَ ، قَالَ :
(( أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ ؟ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ ، أَوْ قَالَ : قَبْرِهَا ، فَأَتَى قَبْرَهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا )) .
[البخاري ومسلم ]
وبشكل استثنائي ذهب إلى قبرها ، وصلى عليها ، وهي مدفونة ، هذا هو الإسلام .
الصورة الثامنة :
الإسلام أن يدخل أعرابي على النبي وأصحابه ، فيقول : أيّكم محمد ؟ ماذا تفهمون من هذه ؟
الصورة التاسعة :
الإسلام أن يكون النبي مع أصحابه في سفر ، أرادوا أن يعالجوا شاة ، فقال أحدهم : عليّ ذبحها ، وقال الثاني : عليّ سلخها ، وقال الثالث : عليّ طبخها ، فقال عليه الصلاة والسلام : وعليّ جمع الحطب ، قالوا : نكفيك ذلك ، قال : أعلم أنكم تكفونني ، ولكن الله يكره أن يرى عبده متميزاً على أقرانه .
الصورة العاشرة :
في بدر الصحابة كانوا بضع مئة وأربعة عشر رجلا ، والرواحل قليلة ، هو قائد الجيش ، وزعيم الأمة ، ورسول الله ، ونبي الأمة ، قال : كل ثلاثة على راحلة ، وأنا وعلي وأبو لبابة على راحلة ، ركب الناقة فلما جاء دوره في المشي توسلا صاحباه أن يبقى راكباً قال ما أنتما بأقوى مني على السير ولا أنا بأغنى منكما عن الأجر .
قال تعالى :
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً(21) .
[ سورة الأحزاب]
الصورة الحادية عشرة :
قبل أن يغادر إلى الدار الآخرة وقف خطيباً ، وقال : من كنت أخذت له مالاً فهذا مالي ، فليأخذ منه ، ومن كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليقتدْ منه ، ومن كنت شتمتُ له عرضاً فهذا عرضي ، ولا يخشى الشحناء فإنها ليست من شأني ، ولا من طبيعتي ، هكذا كان عليه الصلاة والسلام .
الصورة الثانية عشرة :
أيها الإخوة الكرام ، دعت السيدة خديجة لأخذ قسط من الراحة بعد أن جاءه الوحي ، قال : انقضى عهد النوم يا خديجة .
الصورة الثالثة عشرة :
أيها الإخوة الكرام ، كان إذا رأى دابة تحمل فوق طاقتها لا يحتمل ، رحم المخلوقات كلها ، كان يصلي صلاة الفجر ، ومن عادته أن يطيل في الصلاة ، فسمع طفلاً يبكي ينادي أمه ببكائه فقرأ الإخلاص ، وأوجز في صلاته ، قال : رحمة بالصغير الذي ينادي أمه ببكائه ، من لا يرحم لا يرحم .
أيها الإخوة الكرام ، إذا قرأنا سيرة النبي تتألق نفوسنا ، ويتعطر المجلس بذكره ، ونقتدي به ، ادخل إلى بيتك قل : السلام عليكم ، لا ترفع صوتك ، سلّم على أهلك ، تواضع لهم ، عش مع أولادك ، كان إذا صلى ركب الحسن والحسين ظهره ، فيطيل السجود كي يتابعا سرورهما ، كان واحداً من أهل البيت ، كان يقول : اكرموا النساء ، فوالله ما أكرمهن إلا كريم ، ولا أهانهن إلا لئيم ، يغلبن كل كريم ، ويغلبهن لئيم ، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً .
قال لامرأة : اعلمي أيتها المرأة ، وأعلمي من دونك من النساء أن حسن تبعل المرأة زوجها يعدل الجهاد في سبيل الله .
أيما امرأة قعدت على بيت أولادها فهي معي في الجنة ، هكذا قال عليه الصلاة والسلام ، جلست معهم ربتهم .
أيها الإخوة الكرام ، اقرؤوا سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ، واجعلوه قدوة لكم في عفته .
كنا قوماً أهل جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الرحم ، ونسيء الجوار ، حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته وصدقه ، وعفافه ونسبه .
إن حدثك فهو صادق ، وإن عاملك فهو أمين ، وإن استثيرت شهوته فهو عفيف ، العفة والأمانة والصدق أركان القيم الأخلاقية ، هكذا كان عليه الصلاة والسلام .
صحابي من أصحابه في أثناء الهجرة ألقي القبض عليه ، فقال لمن قبض عليه : عهد الله إن أطلقتموني لن أحاربكم ، فأطلقوا سراحه ، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام ، وسرّ به سروراً عظيماً ، بعد سنتين هناك غزوة ، هذا الصحابي دون أن يشعر نسي وعده ، فانخرط مع الجنود ، قال له النبي : ارجع ، ألم تعاهدهم ؟
هذا هو النبي الكريم ، أيعقل أن نحتفل في ذكرى مولده يوماً في العام ؟ يجب أن تقرأ سيرته كل يوم ، وأن تقرأ حديثه كل يوم ، لا يليق به أن نخصص له يوماً واحداً في العام ، يجب أن تكون حياتنا كلها محبة له واتباعاً له ، قال تعالى :
قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي (31) .
[ سورة آل عمران]
ما قبل الله دعوى محبته إلا بالدليل ، الدليل أن تتبع النبي عليه الصلاة والسلام ، قال تعالى :
وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ (62) .
[ سورة التوبة ]
بضمير المفرد ، خلاف قواعد اللغة ، قواعد اللغة : أن يرضوهما ، قال علماء التفسير : إن إرضاء النبي هو عين إرضاء الله ، وإن إرضاء الله عين إرضاء النبي ، قال تعالى :
لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128) .
[ سورة التوبة]
أيها الإخوة الكرام ، مع أنني والله أفرح أشد الفرح بأي احتفال ، وأحضر احتفالات كثيرة جداً ، وألقي كلمات ، لكن الذي أتمنى عليكم ألا نكتفي بالمديح ، لأن العبرة بالاتباع لا بالمديح .
إنّ ابنًا غير متعلم ، وله أب عالم كبير ، لو أمضى هذا الابن كل حياته بمديح والده يبقى الابن جاهلاً والأب عالم ، لا يحدث لنا خيرٌ ما لم نتبع النبي عليه الصلاة والسلام .
أيها الإخوة الكرام ، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن ملك الموت قد تخطانا إلى غيرنا ، وسيتخطى غيرنا إلينا ، فلنتخذ حذرنا ، الكيّس من دان نفسه ، وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني ، والحمد لله رب العالمين .
* * *
الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين ، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين .
أيها الإخوة ، هناك حدث واحد مناسب جداً أن أذكره لكم : كنت مرة في عمرة ، وقد أكرمني الله بها ، وتاقت نفسي أن أصلي في مصلى رسول الله ، في المسجد النبوي الشريف محراب كبير ، هذا مستحدث ، لكن هناك محراب صغير ، هذا المحراب الذي كان يصلي فيه النبي عليه الصلاة والسلام بأصحابه ، أذكر أنني انتظرت ساعة أو ساعتين حتى أتيح لي أن أصلي ركعتين ، وأكرمني الله بخشوع وبكاء في الصلاة ، لكن بعد الركعتين جاءني خاطر أزعجني كثيراً ، وحفزني كثيراً ، هذا الخاطر مثل أن عالماً كبيراً يحمل ثلاث دكتورات ، وله مئتا مؤلَّف ، وله مكتب فخم ، وعنده مستخدم لا يقرأ ولا يكتب ، في أثناء غيبته قفز ، وجلس على كرسي سيده وراء مكتبه هل يرقى مقامه عند الناس ؟ ولا شعرة ، أنا لست ضد التبرك ، أنا مع التبرك ، وتأثرت ، لكن لا ترقى أنت إذا تبركت فقط ، واكتفيت بالتبرك ، ومعك شعرة من شعرات النبي لا ترقى إلا إذا سلكت منهج النبي ، هذا المستخدم لو درس الابتدائية ، ثم درس التعليم الأساسي ، بعد ذلك درس البكالوريا يكون قد مشى على طريق سيده ، فأنا أفرح كثيراً حينما أكون في حضرة النبي عليه الصلاة والسلام في المدينة المنورة ، لكن لا تفرح إلا باتباعه ، لا تفرح إلا إذا عاملت زوجتك كما عامل زوجته ، إذا ربيت أولادك كما ربى بناته ، لا تفرح إلا إذا كنت وقافاً عند الحلال والحرام ، لا تأخذ بهذه التبركات ، يضع مصحفا في السيارة ، شيء رائع جداً ، لكن عيونه في الطريق ، يضع في محله التجاري : إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً ، لكن هناك غش في البضاعة ، وأيمان كاذبة ، هذا الشكل الفلكلوري مرفوض الآن .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(( إِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ )) .
[مسلم ]
دقق ، المسجد له مهمتان : أن تأخذ منه التعليمات ، وأن تقبض الثمن إذا حضرت خطبة أو درس علم ، وإذا صليت في المسجد تقبض الثمن ، أما دينك ففي بيتك ، دينك في محلك التجاري ، دينك بكلامك ، دينك بنظراتك ، دينك بأذنك ، نسمع غناء ، ونطلق البصر فيما حرم الله ، ونغتاب ، ونفعل كل شيء ، ولا بد من أن نقيم احتفالاً بعيد المولد .
جميل جداً أن نقيم احتفالاً ، أنا أبارك الاحتفالات ، ومعي أدلة على وجوبها ، لكن لا أسميها عبادة ، إن سميتها عبادة فهي بدعة ، أنا أسميها دعوة إلى الله ، أسميها تعريفا برسول الله ، أما أن لا تفكر أن تقتدي به ، ألا تفكر يبيع أشياء محرمة ، يقول : ماذا نفعل يا أخي ، هذه مطلوبة ، الله يغفر لنا ، اللهم صلِ على الحبيب ، هذه التلبسة لا تفعل شيئاً ، قبل أن تصلي على الحبيب امنع البضاعة المحرمة ، لا تكن أسطوريا كثيرا ، تأتيني أسئلة : ادعُ لي أن أتحجب ، كأن الدين أسطورة ، يدعو لها فتتحجب ؟ إرادة الحجاب قرار تتخذه الفتاة ، تريد ابنها أن يُصلَح ادعُ له .
قال ملك لأحد كبار العلماء : ادعُ لي ، قال له : لا تظلم ، وأنت لست محتاجاً إلى دعائي فقط ، استقم .
أنا ألح عليكم أن تتبعوه ، وأن تضيفوا إلى الاحتفال اتباعه ، لا مانع ، والله قصته تأخذ بالألباب ، تغير الجو كله ، تملؤنا ثقة بهذا الدين العظيم ، تملؤنا فرحاً وبشراً ، قال تعالى :
وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ (120) .
[ سورة هود]
لكن البطولة أن تتبعه ، أن يكون بيتك إسلاميا ، ومحلك إسلاميا ، وعملك إسلاميا .
حدثني أخ يلف محركات قال لي : قبل أن أعرف الله يأتي المحرك المعطَّل ، أجرته خمسة آلاف ليرة ، أجد به شريطا خارجيا مقطوعا فألحمه في دقيقة ، ولما يأتِي صاحب المحرك أقيم له تمثيلية ليدفع خمسة آلاف ليرة ، وبعد أن اصطلحت مع الله عز وجل مثلُ هذا المحرك آخذ على إصلاحه خمسًا وعشرين ليرة ، من الخمسة آلاف إلى خمس وعشرين ليرة ، هذا هو المسلم ، قف عند الحلال والحرام ، ليس الولي الذي يطير في الهواء ، ولا الذي يمشي على وجه الماء ، ولكن الولي كل الولي الذي تجده عند الحلال والحرام ، أن يراك حيث أمرك ، وأن يفتقدك حيث نهاك .
أيها الإخوة ، قال تعالى :
أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) .
[ سورة يونس]
تعريف الولي في القرآن أنه مؤمن مطبق فقط .
أيها الإخوة ، أتمنى عليكم إما أن تحضر مجلس علم فيه حديث شريف ، أو تقتني كتابَ حديث ، أو تقتني قرصا مدمجا فيه كل الأحاديث الصحيحة ، وتحضر درس للسيرة ، أو تقتني كتابا للسيرة ، أو تقتني قرصا مدمجا في السيرة ، وتُدخِل الحديث والسيرة يومياً في حياتك ، هذا الذي يليق برسول الله .
كتعليق : نحن نحتفل بعيد الأم ، أنا لست ضده ، لكن نحن عيد الأم عندنا ثلاثمئة وخمسة وستين يوما في السنة ، بثقافتنا الإسلامية ، بعلاقاتنا الأسرية المتينة بالرحمة التي في قلوب الأمهات ، وبالأدب الذي في قلوب الأبناء إذا ما زار أمه كل يوم ، وقدم فروض الطاعة والتكريم لا يكون ابناً باراً ، أما في العالم الغربي فتمر خمس سنوات .
لي صديق طبيب هناك في سادس طابق ، أمامه بيت توفى صاحبه منذ ستة أشهر ، ولندن باردة في الشتاء ، والأبواب محكمة الإغلاق ، حتى الرائحة لا تحتمل ، اقتحموا البيت فوجدوه ميتا منذ ستة أشهر ، وله أربعة أولاد في لندن ، ما فكر ابن أن يتفقد أباه في النصف سنة مرة واحدة ، هؤلاء بحاجة إلى عيد أم ، نحن بحاجة إلى أن نزور الآباء والأمهات كل يوم ، نحن نمط آخر ، نحن نمط وحي السماء ، نمط بر الوالدين ، نحن الآن نستورد أعيادهم ، أنا لست ضد عيد الأم ، لكن أنا أؤكد لكم أنه يجب أن نحتفل ثلاثمئة وخمسة وستين يوما بعيد الأم ، وثلاثمئة وخمسة وستين يوما بعيد المولد ، هذه أعيادنا نحن ، كما قال الله عز وجل :
وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً (23) .
[ سورة الإسراء]
رفع الإحسان للوالدين إلى مستوى العبادة .
اللهم اهدنا فيمن هديت ، وعافنا فيمن عافيت ، وتولنا فيمن توليت ، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت ، فإنك تقضي بالحق ، ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ، ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت ، ولك الحمد على ما قضيت ، نستغفرك و نتوب إليك ، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت ، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت ، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا ، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا ، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا ، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير ، واجعل الموت راحة لنا من كل شر ، مولانا رب العالمين ، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك ، وبطاعتك عن معصيتك ، وبفضلك عمن سواك ، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام ، وأعز المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، خذ بيد ولاة المسلمين لما تحب وترضى يا رب العالمين ، إنك على ما تشاء قدير ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، لا تأخذنا بالسنين ، ولا تعاملنا بفعل المسيئين يا رب العالمين، اللهم اسقنا الغيث ، ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين ، اللهم أعل كلمة الحق والدين ، وانصر الإسلام ، وأعز المسلمين ، وأذل الشرك والمشركين ، دمر أعداءك أعداء الدين اجعل تدميرهم في تدبيرهم ، اجعل الدائرة تدور عليهم يا رب العالمين ، انصر عبادك المؤمنين في مشارق الأرض ومغاربها ، وفي شمالها وجنوبها ، إنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير.
و الحمد لله رب العالمين